يدور حاليا في المغرب جدل ونقاش حول تنازع المصالح، بعد فوز شركة تابعة لمجموعة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بصفقة لتحلية مياه البحر، إذ طالب البعض بضرورة فتح تحقيق في الموضوع، وتوضيح الممارسات التي تفضي إلى استغلال لمواقع الامتياز والسلطة.
ليست هذه المرة الأولى التي يُثار فيها تنازع المصالح في صفقة مشروع إحداث محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، التي فاز بها تحالف يضم شركة “أكسيونا” الإسبانية وشركة “كرين أوف أفريكا” وشركة “أفريقيا غاز” التابعة لمجموعة “أكوا” المملوكة لرئيس الحكومة.
وتُعدّ محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء من أكبر محطات تحلية مياه البحر على المستوى العالمي وأكبرها على مستوى أفريقيا، بقدرة إنتاجية سنوية تبلغ 300 مليون متر مكعب، حيث ستقوم بتزويد 7.5 ملايين شخص بمياه الشرب بمدن الدار البيضاء وسطات وبرشيد والبير الجديد وحد السوالم.
غير أن الموضوع يثير هذه الأيام نقاشاً صاخباً بعد دفاع رئيس الحكومة في البرلمان عن فوز شركةٍ من مجموعته بصفقة مشروع إحداث محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، حيث يحيل البعض على الدستور الذي ينص الفصل 36 منه على أنه “يُعاقب القانون على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح، وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه، وكل مخالفة ذات طابع مالي”.
وأثار الحديث في مجلس النواب عن تنازع المصالح في صفقة محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء غضب أخنوش، الذي ذهب إلى أن الصفقة لم تشبها شائبة ولم تستفد من الدعم كما جميع مشاريع الماء، نافياً تنازع المصالح.
غير أن حزب العدالة والتنمية ذهب في تعليقه على الموضوع إلى أن صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، يُشرف عليها المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، الذي يرأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش مجلسه الإداري، ما يمثل تنازعاً للمصالح على اعتبار أن رئيس الحكومة يمارس مهام الإشراف والوصاية على المكتب.
ويؤكد الحزب أن شبهة تنازع المصالح يعززها كون دفتر تحملات المشروع، يقصى من الترشح للصفقة من له وضعية تسمح له بالإحاطة بتفاصيلها، مشدداً على أن قانون مالية العام الماضي، تضمن تعديلاً قبلته الحكومة يقضي بخفض الضريبة على الشركات من 35 إلى 20 % في ما يخص الاستثمارات التي تبلغ 1.5 مليار درهم خلال خمسة أعوام، وهو يخدم مصالح “شركة البيضاء لتحلية مياه البحر”.
تضارب المصالح في المغرب
ويتصور الخبير في القطاع المصرفي، مصطفى ملغو، أنه لكي يثبت وجود تضارب المصالح في الصفقة التي آلت إلى تحالف يضم شركة تابعة لمجموعة رئيس الحكومة، فإنه يتوجب البحث في ما إذا كانت توفرت للفائزين بيانات لم يحظ بها المنافسون.
ويضيف في تصريح لـ”العربي الجديد”، أنه يجب عدم الاكتفاء بالتنديد والاستنكار، بل يتوجب العمل على تشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول الصفقة، التي فُوِّت بموجبها إنجاز مشروع تحلية مياه البحر بالدار البيضاء لتحالف يضم شركة تابعة لمجموعة رئيس الحكومة.
وتَعتقد الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن الحد من السلوكات المرتبطة بالمحسوبية والرشوة، يمكن أن تساعد في تحرير الطاقات التي تساهم في تحقيق التنمية، مؤكدة أن محاربة الفساد وإحداث قطيعة مع الامتيازات يجب أن يكون هدفاً محورياً في النموذج التنموي الجديد، حيث تراه حافزاً يساعد على تقليص الفوارق الاجتماعية والمساهمة في إنعاش النمو الاقتصادي.
وكان رئيس الحكومة أكد غداة تعيينه على رأس السلطة التنفيذية، في بيان أنه “منذ ولايته الأولى وزيراً، أوقف ممارسة جميع الأنشطة المهنية أو التجارية، ولا سيما المشاركة في أجهزة تسيير أو تدبير أو إدارة المنشآت الخاصة التابعة للهولدينغ العائلي”.
وشدّد حينها على “الانسحاب بشكل كلي، من جميع الأنشطة؛ بما فيها تلك المتعلقة حصرياً باقتناء مساهمات في الرأسمال وتسيير القيم المنقولة، وذلك رغم غياب أي مانع قانوني”.
جاء ذلك في سياق توالت فيه الدعوات التي تدعو أخنوش في الأعوام الأخيرة، إلى عدم المزاوجة بين السياسة وممارسة الأعمال. وتقدر فوربس ثروة أخنوش وعائلته بـ1.6 مليار دولار، وهو يمتلك حصة الأغلبية في مجموعة “أكوا” الاقتصادية التي كان أحدثها والده بمشاركة آخرين عام 1932.
- عن العربي الجديد