غادر موظف سابق بالمحافظة العقارية بمنطقة بني مكادة في طنجة السجن، إثر صدور حكم بسجنه لمدة سنة واحدة في قضية “التزوير في وثائق رسمية ووضع توقيعات مزورة والغدر”.
المتهم “م. أ” غادر السجن جراء قضائه سنة ونصف خلف القضبان رهن هذه القضية، وجاء الحكم بعد محاكمة لم يتمكن خلالها دفاع المحافظة العقارية من تقديم أدلة تتوافق و”الاتهامات الثقيلة” الموجهة للموظف السابق والتي وصفت بـ “القنبلة”.
أدلة متواضعة عن اتهامات ثقيلة
المتهم الذي لقب عند تفجير القضية بـ “ميسي المحافظة العقارية”، والحديث عن اكتسابه “الملايين” جراء التزوير والتحفيظ غير القانوني، أثبت دفاعه عدم وجود أدله كافية لإنزال عقوبة قاسية ضده.
فالخبرة على عدد من الوثائق المشتبه في تزويرها أظهرت أنها تتوافق مع توقيع والكتابات الخطية للمحافظ.
الدفاع في المقابل وجه أصابع الاتهام للمحافظ وربط ما تعرض له الموظف “بعداوة” بينهما، مؤكدا أن موكله لم يحصل على أي منفعة من الملفات التي قام بمعالجتها، وبأنه “معتقل تعسفيا لمدة سنة ونصف من دون تهمة واضحة“.
“خروقات غير مسبوقة”
دفاع المحافظ العقاري من جانبه ركز على اليوم الأخير من عمل الموظف في المحافظة العقارية ببني مكادة، يوم 31 ماي 2023، معتبرين أن تواجد الموظف في المقر في حالة غير طبيعية ومرتبكة وترك 12 ملفا”مختفيا” منذ فترة طويلة، يثير الشبهات.
الشهود الذين تم الاعتماد عليهم لم يقدموا أي شهادة ضد “الموظف” بينما تراجع عدد منهم عن تصريحات سابقة أو أصدروا تصريحات متضاربة، كما حال “حارس الأمن” والشاوش المكلف بتصنيف الملفات داخل الأرشيف.
دفاع المحافظة الذي طالب بدرهم رمزي كتعويض، اعتبر بأن الموظف السابق ارتكب مخالفات غير مسبوقة في تاريخ المنظومة العقارية في المغرب، عبر تزوير رسم عقاري وتزوير قرار التحفيظ وتزوير قرار التشطيب على اعتراضات ومسك رسومات خارج الصندوق، ما يعد مسا بجوهر النظام العقاري.
وبحسب المصدر ذاته، فإن المحافظة “لو” كانت مؤمنة ببراءة موظفها كانت ستعمل على الدفاع عنه، لكنها تخلت عنه لحصولها على أدلة تثبت تورطه.
دفاع المحافظة نفى وجود أي خصومة بين الموظف ومديره السابق “المحافظ العقاري”، مؤكدين بأن مزاعم عن كون الملف مدبرا “لا أساس له من الصحة، كما نفوا الاتهامات الموجهة للمحافظ بالتزوير.
الدفاع قال إن المحافظ كان قادرا على تمرير كافة القرارات، خصوصا مع عدم وجود أي مشتكين أو متضررين، لكنه وعند اكتشاف ملفات تحمل توقيعه المزور قرر اللجوء إلى العدالة، لأنه كان سيتحمل مسؤولية الخروقات والتزوير الذي مس العديد من الملفات.
تقسيم أراض وتدخل شخصيات معروفة وشكاية الوالي
خلال الجلسة تم التطرق لبعض القضايا التي شهدت شبهة الفساد ونسبت للمتهم، إذ تحدث امرأة عن تقديمها أموالا للموظف من أجل تحفيظ أراض تابعة لها “دون المرور بصندوق المحافظة”، معترفة بـ “نزاهته” وقالت إنه أعاد لها 27 ألف درهم، الشيء الذي نفاه الموظف وقال إنه “لا يعرفها”.
تم التطرق أيضا لقضية تقسيم هكتارات من الأراضي لعائلة نائب رئيس مقاطعة في طنجة “ي.أ”، لكن الموظف نفى تدخله، مؤكدا أنه اكتفى بتقديم معلومة عن “مصير الملف” الذي كان يعالج في المحافظة العقارية بطنجة المدينة وليس محافظة بني مكادة”.
المتهم نفى أيضا اطلاعه على شكاية تقدم بها والي الجهة، إثر اكتشاف تزوير طال قرار تحفيظ.
نظام غريب
المحاكمة وإن لم تتمكن من الوصول إلى “حقيقة واضحة”، فإنها أظهرت النظام الإداري الغريب الذي تعتمده المحافظة العقارية على الأقل في بني مكادة، وحسب تصريحات الموظفين.
عدد من الموظفين ومن بينهم نائب المحافظ، تحدثوا عن ترك الملفات على “المكاتب بطريقة عشوائية”، وتكليف “شاوش يؤدي الصلاة في وقتها”، بتصنيف الملفات ووضعها داخل الأرشيف.
الموظفون اعترفوا بعدم وجود قوانين تنظم كيفية تسليم العهد عند انتهاء عمل موظف، ما مكن الموظف من التجول داخل اللإدارة رغم تبليغه بانتهاء مهامه، وتمكن من معالجة 12 ملفا وتركهم بعد “الموافقة على استقالته” منذ ساعات، دون أن يسلم أي شيء أو يستلم “ورقة لتبرئة ذمته”.
نائب المحافظ قال إن “الأهم أن الملفات لا تغادر مقر المحافظة وبأن الجميع يتعامل بنفس الطريقة والجميع يعرف الزملاء“، وبأن الشاوش يتكلف بالتجول في المكاتب لجمع الملفات “التائهة” و”لا أحد غيره يدخل الأرشيف”.