لا تتردد أيها القارئ الكريم، في الخروج من قوقعتك وأنت تقرأ هذه الأسطر، لا تتردد لأنه الوقت الحقيقي لإخضاع نادي الاتحاد الرياضي لطنجة لنقد بناء، بعيدا عن عقلية الهدم واصطياد الأخطاء من جهة وعقلية “الدعم غير المشروط” والثقة العمياء بالمكتب المُسير للنادي من جهة ثانية.
قبل كل شيء، مقال الرأي الذي بين يديك لا يستهدف شخصا بعينه، بل هو محاولة لقراءة مسار النادي و”مشروعه” المفترض في ظل مكتب الأستاذ محمد أحكان، ففريق المدينة الأول أكبر، وأرقى من بعض مَن نصبوا أنفسهم مدافعين “أصماء” عن جهازيه المقرر والمسير.
ونحنُ اليوم بعد مضي ما يناهز السنة عن تحمل المكتب المديري للنادي لصلاحيات التسيير، نجدُ نفسنا أمام “ديماغوجيا” أساسها “ثقوا بنا … أو اصمتوا”، حتى بات أحد لا يستطيع انتقاد الجهاز المسير للنادي، هذه الديماغوجيا التي بُنيت على أساس دغدغة عواطف الانتماء للمدينة، والثقة، ومكاتب الكفاءات والشباب، واعتماد منطق الفضيحة، والتقاط الصور من المنصات، والاختباء بإرث السابقين، انكشفت عند اول امتحان، اذ وجدت جماهير الفريق نفسهما أمام كارثة حقيقية، وأمام التباسات كان يؤاخذ بها المكتب السابق نفسه.
اليوم، أتعقد أن من حق جماهير النادي معرفة تفاصيل الانتدابات الأخيرة، ودوافع بيع لاعبين حاسمين دون تعويضهم، ولعل أول التعاقدات المطلوب بيانُ تفاصيلها وحيثياتها هو التعاقد مع السيد بادو الزاكي، والذي تم التعاقد معه لمدة 4 سنوات بشكل غريب جدا، هذا الرجل الذي لم يأتي بأي انجاز يذكر في ميدانه ومجال عمله.
لقد تمكن النادي من حصر تفاصيل عقد بادو الزاكي تماشيا مع المنطق انف الذكر، فانطلت الكارثة على جماهير النادي، حتى اختلط الحابل بالنابل وبات لكل رأيه في عقد الرجل.
هذه الممارسات لا تشكل بأي حال قطيعة مع “تسيير السابقين”، اذ سار المكتب المسير بنفس منطق الاشتغال السابق.
من جهة أخرى، بات من الواجب مسائلة المسيرين الحاليين عن مأل “الافتحاص المالي”، الذي سقط كليا عن خطابات الرئيس ومكتبه المسير، وبعض أفراد برلمان النادي.
شخصيا أعتقد أن “الافتحاص المالي” قد رُحل كليا عن النقاش، ولن يجد أبداً طريقه، ولن يصل الى علم جماهير الفريق أي تفاصيل بهذا الشأن.
ويمكن أن نرد هذا “الاختفاء القسري” أو “التغييب المقصود” لنتائج الافتحاص المالي -ان حدث- الى سببين اثنين، أولهما رغبة البعض داخل النادي باستغلال الموقف من المكتب السابق، وجعل “ارث السابقين” شماعة تُرفع في وجه كل المنتقدين، أما السبب الثاني فهو سبب سياسي محض… اذ لا يملكُ مسيرو النادي الجرأة الكافية لفتح هذا الملف، والاعلان عن نتيجته، لما سيكون للأمر من تداعيات قد تطال الولايتين معا -الحالية والسابقة- للنادي.
كما لا يفوت في سياق طرح هذه التساؤلات، التطرق الــــى “ملف مالية الفريق”، اذ يتكرر الحديث عن فراغ خزينة النادي، وهي الخزينة الفارغة منذ القدم لسبب وحيد يتمثل في سوء التدبير والتسيير، وغياب الشفافية اللازمة سابقا وفي الوقت الحالي، اذ كلما اشتد النقد البناء اشتدت معه أصوات البعض وصراخهم من غياب المالية اللازمة للتسيير، وهو ما كان يعلمه بالفعل المسيرون الحاليون، لكــــن سوء التدبير ينسحب جسارة لدى هؤلاء مطالبين والي الجهة بالتدخل والإنقاذ من السكتة القلبية، كمحاولة لوضع ولاية الجهة دائما أمام جمهور المدينة، باعتبارها “مسؤولة”، دون أي سند قانوني أو منطق مفهوم.
فتدخل الولاية تاريخيا لم يحصُل الى بتداخل أزمات الفريق مع النظــــام العــــام، ولطالما كان المسيرون هم المؤججون غير المباشرين لهذه العملية، فإلى متى سيستمر تعليق “فشلكم” على مؤسسات الدولة، والتي لها من المسؤوليات اليومية والاستراتيجية ما يغنيها عن التدخل في شؤون الفريق؟
وأمام هذا الفشل، ألا يحق لنا أيضا أن نصل الى معلومات دقيقة حول محاولات ملأ خزينة الفريق؟ ما دور المكتب المسير في هذا الشأن؟ أليس من مهامه البحث عن مستشهرين جدد، أو مصادر مادية بعيدا عن منطق “الصدقات”؟ اذ يكاد النادي يُصبح دار أيتام أمام منطق البحث عن الصدقات.
من جهة أخيرة، لا بد من التذكير بمسؤوليات كل أجهزة الفريق دون استثناء، وبعيدا عن منطق “ولاد الناس” و “ولاد السوق”، فمسؤولية المكتب المسير تنطلق من توضيح كل تفاصيل ما سمي “بالمشــــروع”، ومسؤولية منخرطي الفريق تنحصر في مسائلة هذا المكتب، والتقرير داخل النادي، لا نقل الأخبار والحصريات و”السكوبات” التي لا تسمن ولا تغني من جوع.