أصدرت رئاسة النيابة العامة دليلا استرشاديا لقضاة النيابة العامة حول تنفيذ العقوبات البديلة، وذلك في إطار مواكبة تفعيل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة والمرسوم التطبيقي له، الذي دخل حيز التنفيذ ابتداء من اليوم الجمعة 22 غشت الجاري.
ويهدف هذا الدليل، أيضا، إلى ضمان تنزيل سليم وفعال للعقوبات البديلة، بما يحقق التوازن بين حماية المجتمع من الجريمة، وتوفير فرص لإعادة إدماج المحكوم عليهم في الحياة العامة بعيدا عن أسوار السجن، مع مراعاة حقوق الضحايا والتخفيف من الأعباء المالية الثقيلة التي تتحملها ميزانية الدولة في مجال تدبير السجون.
العقوبات البديلة
يُعد القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، الذي دخل حيز التنفيذ في 22 غشت 2025، إصلاحًا تشريعيًا بارزًا في السياسة الجنائية المغربية. يهدف هذا القانون إلى الحد من الاعتماد على العقوبات السالبة للحرية، وتخفيف الاكتظاظ في السجون، وتعزيز إعادة تأهيل وإدماج المحكوم عليهم، مع ضمان حقوق الضحايا ومصالح المجتمع.
الإطار القانوني لتطبيق العقوبات البديلة
1. تعريف العقوبات البديلة ونطاق تطبيقها
يُعرف القانون العقوبات البديلة بأنها عقوبات تُحكم بدلاً من الحبس في الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها خمس سنوات حبسًا نافذًا. يُركز هذا التعريف على استثناء الحالات التالية:
- الجنح التي تتجاوز عقوبتها خمس سنوات، لضمان الصرامة مع الجرائم الخطيرة.
- المحكوم عليهم في حالة العود، لتشجيع الإصلاح لدى الجناة لأول مرة.
- الجرائم الخطيرة مثل الإرهاب، أمن الدولة، الرشوة، غسل الأموال، الاتجار الدولي بالمخدرات، أو الاستغلال الجنسي للقاصرين.
2. أنواع العقوبات البديلة
يحدد القانون أربعة أنواع رئيسية للعقوبات البديلة:
- العمل لأجل المنفعة العامة: أداء عمل غير مدفوع الأجر (40 إلى 3600 ساعة) لصالح الدولة، الجماعات الترابية، أو الجمعيات. يُراعى جنس المحكوم عليه، سنه، مهنته، وحالته الصحية.
- المراقبة الإلكترونية: استخدام وسائل تكنولوجية مثل السوار الإلكتروني لتتبع تحركات المحكوم عليه ضمن حدود زمنية وجغرافية، مع مراعاة ظروفه الشخصية وسلامة الضحايا.
- تقييد الحقوق أو التدابير الرقابية/العلاجية/التأهيلية: تشمل الإقامة في مكان محدد، الخضوع للرقابة، العلاج النفسي أو الإدمان، وتعويض الأضرار.
- الغرامة اليومية: دفع مبلغ مالي (100-2000 درهم يوميًا) عن كل يوم حبس، مع إمكانية التقسيط واشتراط موافقة الضحية أو تعويض الضرر.
3. الشروط العامة للتطبيق
يتطلب الحكم بالعقوبات البديلة استيفاء الشروط التالية:
- ألا تتجاوز العقوبة الأصلية خمس سنوات حبسًا نافذًا.
- عدم وجود حالة عود.
- موافقة المحكوم عليه في حالة الغرامة اليومية، مع إثبات الصلح أو تعويض الضرر.
- استبعاد الجرائم الخطيرة المحددة قانونًا.
دور النيابة العامة في تطبيق العقوبات البديلة
يبرز الدليل الاسترشادي دور النيابة العامة في اقتراح العقوبات البديلة، متابعة تنفيذها، ومعالجة الإخلال.
1. دور النيابة العامة في مرحلة الاقتراح
- تقديم الملتمسات: تقدم النيابة العامة ملتمسات مكتوبة ومعللة للحكم بالعقوبات البديلة أو استبدال العقوبة الحبسية بعد الحكم. يُشجع القضاة على التفاعل الإيجابي مع طلبات المتهمين أو دفاعهم.
- معايير الاختيار: يُراعى طبيعة الجريمة، شخصية المحكوم عليه، وظروفه الاجتماعية والمهنية، مثل اقتراح المراقبة الإلكترونية لمن لديهم عمل ثابت، أو العمل للمنفعة العامة للشباب القادرين.
2. دور النيابة العامة في التتبع والتنفيذ
- مراقبة التنفيذ: تُنسق النيابة العامة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لمتابعة تنفيذ العقوبات. يُصدر قاضي تطبيق العقوبات المقررات التنفيذية ويُسجلها في سجل خاص.
- التعامل مع الإخلال: عند عدم الالتزام، تطالب النيابة العامة بتطبيق العقوبة الحبسية الأصلية، مع خصم المدة المنفذة (مثل أيام الغرامة المدفوعة أو ساعات العمل).
- المنازعات: تقدم النيابة العامة مستنتجاتها بشأن المنازعات المتعلقة بالتنفيذ لضمان الشفافية.
3. التوجيهات العملية
- وضوح الأحكام: يجب أن تتضمن الأحكام تفاصيل العقوبة الأصلية والبديلة لتجنب الغموض.
- التكوين المستمر: يُشجع القضاة على حضور دورات تكوينية لفهم الإجراءات ومعالجة التحديات.
- التنسيق المؤسساتي: يتطلب التنفيذ تعاونًا بين النيابة العامة، قاضي تطبيق العقوبات، إدارة السجون، والمؤسسات المستقبلة.
الإجراءات العملية لتطبيق العقوبات البديلة
1. العمل لأجل المنفعة العامة
- التنفيذ: يُحال الملف إلى قاضي تطبيق العقوبات لتحديد طبيعة العمل وساعاته (3 ساعات مقابل كل يوم حبس). يُنفذ العمل خلال 6 أشهر، قابلة للتمديد مرة واحدة.
- الشروط: يُراعى أن يكون العمل مناسبًا لقدرات المحكوم عليه، ويُنفذ لصالح جهات مثل الجماعات الترابية أو الجمعيات. تتحمل الدولة الأضرار مع حق الرجوع.
- الأحداث: تُراعى مصلحة الحدث الفضلى لمن هم دون 18 سنة.
2. المراقبة الإلكترونية
- التنفيذ: يُستخدم سوار إلكتروني لتتبع التحركات ضمن حدود محددة. تُدار العملية من قبل إدارة السجون.
- الإخلال: قد يُعاقب المحكوم عليه بالحبس أو الغرامة عند عدم الالتزام. يحق له طلب فحص طبي لتقييم تأثير السوار.
- التنظيم: تتطلب نصوصًا تنظيمية لتحديد التكاليف والإجراءات التقنية.
3. تقييد الحقوق أو التدابير الرقابية/العلاجية/التأهيلية
- التنفيذ: يُحدد قاضي تطبيق العقوبات التدابير (مثل العلاج أو التكوين) مع تقارير دورية.
- الإخلال: يؤدي عدم الالتزام إلى تطبيق العقوبة الحبسية الأصلية.
4. الغرامة اليومية
- التنفيذ: يُحدد القاضي المبلغ بناءً على الوضعية المالية، مع دفع نصف المبلغ فورًا إذا كان بالتقسيط. يُطلق سراح المحكوم عليه بعد الأداء الكامل.
- الشروط: تتطلب موافقة الضحية أو تعويض الضرر، وموافقة ولي الأمر للأحداث.
- الإخلال: يؤدي عدم الدفع إلى تطبيق العقوبة الحبسية مع خصم الأيام المدفوعة.
التحديات ومتطلبات النجاح
يتطلب تطبيق القانون معالجة تحديات مثل:
- التنسيق المؤسساتي: ضرورة إنشاء نظام معلوماتي موحد لتتبع التنفيذ.
- الموارد: حاجة المراقبة الإلكترونية إلى بنية تكنولوجية، والعمل للمنفعة إلى أماكن عمل مناسبة.
- التكوين: أهمية تكوين القضاة والموظفين لضمان التطبيق الدقيق.
- النصوص التنظيمية
تابعوا طنجة7 على صفحتنا بموقع فيسبوك. وعلى منصة إنستغرام. إضافة لمنصة X وتطبيق نبض


