لقاء تاريخي حاسم بين ترمب وبوتين

طنجة7

التقى الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين وجها لوجه في ألاسكا يوم الجمعة في قمة تنطوي على رهانات عالية وقد تحدد إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أعنف صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وقبيل انعقاد القمة، استقبل ترامب الرئيس الروسي على سجادة حمراء بمدرج في قاعدة للقوات الجوية الأمريكية. وتصافح الرئيسان بحرارة ولمس كل منهما ذراع الآخر قبل أن يستقلا سيارة ترامب الليموزين إلى موقع عقد القمة القريب.

وجلس ترامب وبوتين بصمت بينما اتخذ أعضاء وفديهما مقاعدهم في أول لقاء بين الرئيسين منذ عام 2019. وكانا جالسين أمام خلفية زرقاء طُبعت عليها عبارة “السعي إلى السلام”.

ويخشى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي لم يُدعَ إلى المحادثات، وحلفاؤه الأوروبيون من أن ترامب قد يتخلى عن أوكرانيا بتجميد الصراع والاعتراف -ولو بشكل غير رسمي- بالسيطرة الروسية على خُمس أراضيها.

لكن ترامب سعى في وقت سابق إلى تهدئة هذه المخاوف في أثناء صعوده على متن الطائرة الرئاسية، موضحا أنه سيترك لأوكرانيا اتخاذ قرار بشأن أي تبادل محتمل للأراضي. وقال “لست هنا للتفاوض نيابة عن أوكرانيا، بل كي أجعلهم يجلسون إلى طاولة المفاوضات”.

وقال للصحفيين بينما كان على متن طائرة الرئاسة ردا على سؤال حول ما سيجعل الاجتماع ناجحا “أريد أن أرى وقفا سريعا لإطلاق النار… لن أكون سعيدا إذا لم نتوصل لذلك اليوم… أريد أن يتوقف القتل”.

وانضم وزير الخارجية ماركو روبيو ومبعوث الرئيس الخاص ستيف ويتكوف إلى ترامب في اجتماعه مع بوتين.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إن اجتماعا لاحقا سيضم أيضا وزير الخزانة سكوت بيسنت، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز.

أما بوتين فيرافقه في المحادثات مع الوفد الأمريكي كل من وزير الخارجية سيرجي لافروف ومساعد الرئيس للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف.

يأمل ترامب في التوصل إلى هدنة في الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، تجلب السلام إلى المنطقة وتعزز موقفه باعتباره صانع سلام عالمي جدير بجائزة نوبل للسلام.

وبالنسبة لبوتين، تُعد القمة بالفعل انتصارا كبيرا، إذ يمكنه استخدامها دليلا للتأكيد على أن سنوات من المحاولات الغربية لعزل روسيا لم تؤت ثمارها، وأن موسكو استعادت مكانتها اللائقة على رأس الدبلوماسية الدولية.

ويوم الخميس أقر ترامب، الذي قال في وقت سابق إنه سينهي الحرب الروسية في أوكرانيا خلال 24 ساعة، أن الصراع اتضح أنه أصعب مما كان يعتقد.

وقال إنه إذا سارت محادثاته مع بوتين على ما يرام، فإن الإسراع في عقد قمة ثلاثية لاحقة تضم زيلينسكي سيكون أكثر أهمية من لقائه مع بوتين.

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن بيسكوف قوله إن من الممكن عقد اجتماع ثلاثي في وقت لاحق إذا أسفرت محادثات ألاسكا عن نتائج.

وذكر بيسكوف أيضا أن المحادثات بين بوتين وترامب قد تستمر من ست إلى سبع ساعات.

وقال زيلينسكي إن القمة ينبغي أن تمهد الطريق إلى “سلام عادل”، وإجراء محادثات ثلاثية بمشاركته، لكنه استطرد قائلا إن روسيا لا تزال تشن حربها على بلاده. وأصاب صاروخ باليستي روسي في وقت سابق يوم الجمعة منطقة دنيبروبتروفسك الأوكرانية مما أدى إلى مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة آخر.

وكتب زيلينسكي عبر تطبيق تيليجرام للمراسلة “حان الوقت لإنهاء الحرب، وعلى روسيا اتخاذ الخطوات اللازمة. نحن نعتمد على أمريكا”.

“رجل ذكي”

ذكر ترامب قبل القمة أن هناك احتراما متبادلا بينه وبين بوتين.

وقال عن بوتين “إنه رجل ذكي، وهو يفعل ذلك منذ وقت طويل، ولكن أنا أيضا… نحن على وفاق، وهناك قدر جيد من الاحترام بيننا”. ورحب أيضا بقرار بوتين إحضار رجال الأعمال معه إلى ألاسكا.

وأضاف “لكنهم لن يقوموا بأعمال تجارية قبل أن ننتهي من الحرب”، مكررا تهديده بعواقب “اقتصادية وخيمة” على روسيا إذا سارت القمة بشكل سيء.

وقالت ثلاثة مصادر مطلعة لرويترز إن الولايات المتحدة أجرت مشاورات داخلية حول استخدام كاسحات الجليد الروسية التي تعمل بالطاقة النووية لدعم تطوير مشاريع الغاز والغاز الطبيعي المسال في ألاسكا باعتبارها صفقة يمكن السعي إليها خلال القمة.

وقال مصدر مقرب من الكرملين إن هناك دلائل على أن موسكو قد تكون مستعدة للتوصل إلى تسوية بشأن أوكرانيا نظرا لإدراك بوتين لمشاكل روسيا الاقتصادية وتكاليف استمرار الحرب.

وكانت رويترز قد ذكرت في وقت سابق أن بوتين قد يكون مستعدا لتجميد الصراع عند خطوط المواجهة، شريطة أن يكون هناك تعهد ملزم قانونا بعدم توسيع حلف شمال الأطلسي شرقا ورفع بعض العقوبات الغربية.

وروسيا، التي ظهرت علامات الإنهاك على اقتصادها، مُعرضة لعقوبات أمريكية إضافية وهدد ترامب بفرض رسوم جمركية على مشتري النفط الخام الروسي وخاصة الصين والهند.

وقال المصدر الروسي “بالنسبة لبوتين، المشاكل الاقتصادية تأتي في المرتبة الثانية بعد الأهداف، لكنه يدرك هشاشة وضعنا (الاقتصادي) والتكاليف التي نتكبدها”.

وفي اليوم السابق للقمة، ألمح بوتين إلى احتمال إنجاز شيء آخر يعرف أن ترامب يرغب فيه وهو إبرام اتفاقية جديدة للحد من الأسلحة النووية لتحل محل الاتفاقية الوحيدة المتبقية بين الجانبين والمقرر أن ينتهي سريانها في فبراير شباط.

أرضية مشتركة؟

قال المصدر المطلع على طريقة تفكير الكرملين إن الجانبين توصلا فيما يبدو إلى أرضية مشتركة.

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع “يبدو أنه سيتم الاتفاق على بعض الشروط… لأنه لا يمكن رفض مطالب ترامب، ولسنا في وضع يسمح لنا بالرفض” في إشارة إلى ضغط العقوبات.

وتمسك بوتين بشروط صارمة لوقف كامل لإطلاق النار رغم انفتاحه على الأمر، وقد يكون التوصل إلى هدنة في الحرب الجوية أحد الحلول الوسط.

واستبعد زيلينسكي التنازل رسميا عن أي أراض لموسكو. ويسعى للحصول على ضمان أمني تدعمه واشنطن.

ولم يكن الأوكرانيون الذين تحدثوا إلى رويترز في وسط كييف يوم الجمعة متفائلين إزاء القمة.

وقالت عاملة النظافة تيتيانا هاركافينكو (65 عاما) “لن يحدث شيء جيد هناك، لأن الحرب هي الحرب، ولن تنتهي. وبالنسبة الأراضي.. لن نعطي لأحد أي شيء”.

  • رويترز
آخر ساعة

تابعنا

أعثر علينا على الوسائط الاجتماعية
نشرة السابعة
إشترك معنا للتوصل بجميع الأخبار