قالت جماعة العدل والإحسان، في إعلانٍ لها حول موقفها بشأن تعديل مدونة الأسرة، إنها تابعت ما نُشر من تعديلات تتعلق بالمدونة، مُشدّدةً على أن المرجعية التي ينبغي الاستناد إليها في مثل هذه القضايا هي القرآن الكريم والسنة المشرفة وغيرهما من مصادر التشريع المعتبرة.
وأضافت أن الاجتهاد يجب أن يكون فيما لم يرد به نص، وليس الاعتماد على ما شذ من أقوال في الفقه، تغليبا لطرف على آخر أو استجابة لمسارات غريبة عن مجتمعنا وعوائده وأحواله وظروفه وثقافته، وذلك بالتأصيل لها وشرعنتها، بدعوى جلب مصالح ودرء مفاسد.
وكمثال على ذلك، تساءلت الجماعة، “هل يستقيم شرعا وعقلا أن نعتبر أن احتفاظ الزوجة أو الزوج ببيت الزوجية في حال وفاة أحدهما سيحقق مصالح أَوْلى وآكد مما نصت عليه آيات المواريث المنزلة من لدن حكيم عليم؟”.
واعتبرت جماعة العدل والإحسان، أن عددا من هذه التعديلات المرتقبة من شأنها تذكية الصراع بين الزوجين، وجعل العلاقة بينهما مرتبطة بالماديات فقط، مما سيُسهم في تغييب المعاني السامية التي من أجلها أُنشئ بيت الزوجية.
وحسب الجماعة، فإن تعديلات المدونة ستزيد من تهديد التماسك الأسري وتعميق الهوة داخل العائلات، في مقابل تملص الدولة من واجباتها المؤكدة في ضمان العدل الاجتماعي والاقتصادي المبني على الإرادة السياسية الصادقة.
وقالت إنه “بنظرٍ سريع إلى مخرجات الإحصاء الأخيرة وما تقتضيه من يقظة في الوضع الديمغرافي للبلد، يظهر جليا أن ما تم الإعلان عنه في المدونة يسير في الاتجاه المعاكس لمصلحة الوطن، فهذه “التعديلات” غير المتوازنة وغير المنصفة ستفاقم حالات الطلاق، المتفاقمة أصلا.
كما أن هذه “التعديلات” المجحفة والمخيفة، تُضيف الجماعة، ستزيد الشباب عزوفا عن الزواج مما سيضاعف التأثير على معدلات الخصوبة في البلاد وعلى الهيكل العمري للسكان.
ودعت جماعة العدل والإحسان، الشعب المغربي بكافة قواه الشريفة من علماء ومجتمع مدني وجماعات إلى التعبئة واليقظة التامة من أجل الحفاظ على أسرنا وضمان استقرارها وكرامتها، معتبرةً أن “الاستجابة المستمرة والمتزايدة للضغط الخارجي لن تزيدنا إلا ترديا وانسلاخا عن ديننا وقيمنا وفطرتنا”.
وأوضحت أن “هذه الاستجابة تتجلى اليوم في أوضح صورها، فهاهم المتنفذون في هذا البلد يوفون بالعهد الذي قطعوه لسيداو (لجنة القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة) التي أمهلت السلطات المغربية إلى 2024 للجواب عن إملاءاتها، فها نحن نشهد في هذه الأيام الأخيرة من السنة المذكورة هذه التعديلات، التي يتحايل بعضها على شرع الله خضوعًا لتلك الإملاءات كقضية الإرث التي يتم التلاعب بأنصبتها”.
وخلصت الجماعة إلى أن “ما تعانيه المرأة المغربية من تهميش وظلم وقهر يعود جزء كبير منه إلى سياسات الدولة، وجزء آخر إلى العقلية غير السليمة لبعض الرجال، وكذا بعض أعراف المجتمع السقيمة”.
وأضافت أنه “لا يمكن إيجاد حل لهذا الواقع إلا من خلال تحقيق العدل من قبل الدولة، ومحاربة الفساد والافتراس ونهب خيرات البلد.
ومن جهة أخرى يتطلب الأمر التركيز على التربية والتنوير، ونزاهة القضاء، وفاعلية المجتمع المدني. وبعد ذلك يأتي دور القوانين كخطوة مكملة لهذه الجهود، في ظل شرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم”.