يواصل المحامون المغاربة لليوم الرابع على التوالي إضرابهم المفتوح مما يصيب قطاع العدالة في البلاد بالشلل التام، وذلك احتجاجا على أوضاعهم المهنية وأوضاع العدالة في المغرب عموما أو ما وصفوه “بالردة التشريعية”.
وأشار بيان سابق لجمعية هيئات المحامين بالمغرب إلى”الإصرار الواضح على استهداف المكانة الاعتبارية لمهنة المحاماة كفاعل رئيسي في تنزيل مفاهيم العدالة، ومحاولة ضرب أسس رسالتها الكونية والإنسانية”.
وقال نقيب المحامين في الرباط عزيز رويبح لرويترز يوم الاثنين “قررنا الدخول في إضراب مفتوح وشامل حتى قبل فاتح (أول) نونبر الحالي، لكننا أجلناه إلى ما بعد زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي (إيمانويل) ماكرون للمغرب” في 28 أكتوبر الماضي.
وكان مشروع قانون “المسطرة المدنية” الذي صادق عليه مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان المغربي) في يوليو تموز الماضي وينتظر أن يصادق عليه مجلس المستشارين (الغرفة الثانية)، وتقدمت به الحكومة أثار الكثير من الجدل في أوساط المحامين واعتبروه “غير دستوري ويهدد مهنة المحاماة… ويضرب الدور الرئيسي والاعتباري لمهنة المحاماة واستقلالها”.
وسبق للمحامين أن نظموا احتجاجات وإضرابات محدودة لنفس السبب.
ومن بين ما جاء به القانون وأثار حفيظة المحامين، استحداث مكاتب وسطاء مهمتها التدخل لحل النزاعات قبل لجوء المتقاضي إلى المحاكم، وكذلك إلغاء دور المحامي في بعض مراحل التقاضي وفرض غرامات على المتقاضين في حالة لم يصدر الحكم لصالحهم.
وقال رويبح “هذا الإضراب المفتوح جاء كرد فعل على ما أصبحنا نعاينه ونشاهده من تحريض على مهنة المحاماة”.
وأضاف أن الإضراب يدخل في إطار “الدفاع عن كرامة المحامين، ووضعهم الاعتباري، والاحتجاج على مشاريع قوانين تستهدف حقوق الدفاع وتقلص من مساحتها، خاصة قانون المسطرة المدنية فيه مقتضيات قانونية تحول دون أن يمارس المتقاضي حقه في الدفاع بشكل عادي وآمن ومستنير وفق ما يقتضيه دستور المملكة، ووفق ما جاء في خطب جلالة الملك التي تجعل المواطن والمتقاضي في قلب كل إصلاح تشريعي”.
واسترسل قائلا “هذه النصوص تسلط على المتقاضي والمواطن سيف التغريم… كما تعتبر أن المتقاضي سيئ النية..وهذا فيه نوع من الاتهام والانتقاص من شأن المواطن، خاصة الفئات الهشة”.
وأضاف “حقوق الدفاع خط أحمر… ولحد الساعة لا يزال باب الحوار مغلقا وليس هنالك تجاوب أو تفاعل من طرف الجهات المعنية” كما أشار إلى أن الإضراب “ناجح بكل المقاييس”.
لكن وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي قال أثناء التصويت على قانون المسطرة المدنية في مجلس النواب في يوليوز الماضي إن وزارة العدل حرصت على إعداد مشروع القانون “باعتماد منهجية تشاركية واسعة، استقت خلالها آراء ووجهات نظر مجموع المتدخلين في الحقل القضائي وعملت على ملاءمة مواده مع مقتضيات الوثيقة الدستورية، ومبادئ حقوق الإنسان”.
وأضاف أن المشروع يهدف إلى “تحسين أداء المحاكم والتقليص من بطء العدالة وتسريع وتيرتها من محكمة تقليدية إلى محكمة إلكترونية”.
وقال مصدر قريب من المحامين طلب عدم نشر اسمه “وهبي لم ينفتح على جمعية المحامين، ولم يرد أن يجلس معها”.
وأضاف “المحامون يطالبون بحقوق المتقاضين.. لقد سبق وأن احتج المحامون، ولم تتفاعل الحكومة معهم، فالإضراب مستمر ويصيب جميع القطاعات الإدارية بالشلل على رأسها خزينة الدولة”.
وقال بوعزة الخراطي رئيس (الجامعة المغربية لحقوق المستهلك) لرويترز “الإضراب حق دستوري، والمحامون هم صلة بين الوكيل (المستهلك) والعدالة، وهناك علاقة تعاقدية بين الوكيل والمحامي، وإذا قام المحامي بإضراب فهو لا يحترم التعاقد الذي بينه وبين الوكيل، على الأقل كان على الهيئة قبل أن تقوم بالإضراب، وفي إطار التشارك، أن تتشاور مع جمعية حماية المستهلك، لحماية حقوق ذلك الوكيل”.
وأضاف “هذا جيد إن كان الاضراب للدفاع عن حقوق الوكيل، فدور المحامي المهم في المجتمع لا ينكره أحد، لكن هذا الأخير مشغله هو المستهلك أو الوكيل وليس وزارة العدل، وبالتالي لم يكن من الأجدر أن يقوموا بإضراب لا محدود، وكان يجب أن يأخذوا بعين الاعتبار حماية المستهلك”.
كما ندد بما “تقوم به وزارة العدل من عدم الاستجابة وغلق باب الحوار”.
- رويترز