دعت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى منظومة قانونية عادلة ومنصفة وكفيلة بتوفير حلول ملائمة، لقضية الإرث في المغرب، مع الأخذ بعين الاعتبار للوضعيات والتحولات التي يعرفها المجتمع المغربي.
وبحسب بوعياش، فإن الحاجة إلى هذه المنظومة، يهدف لوضع حد للمخاطر التي يلجأ لها المواطنون المغاربة لضمان حقوقهم وخصوصا النساء، إذ تلجأ الكثير من الأسر، خاصة تلك التي لم ترزق بذكور، تلجأ بشكل متزايد إلى القيام بإجراءات قانونية وصورية كبديل عن القواعد الحالية لنظام الميراث، من قبيل البيع أو الصدقة أو الهبة.
وذلك بهدف حماية بناتهن من قاعدة التعصيب وما قد يواجهن من حرمان من سكنهن بعد وفاة الاب أو بهدف حماية أحد الزوجين المتبقي على الحياة أو من أجل تحقيق المساواة بين الإناث والذكور من أبنائهن.
وأكدت بمناسبة تقديم نتائج دراسة حول “نظام الارث في المغرب.. ما هي آراء المغاربة؟” يومه الثلاثاء 14 يونيو 2022 بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن التأطير الحقوقي لموضوع نظام الإرث بالمغرب وما يمكن أن يترتب عليه من اجتهادات تؤصل للمساواة هو الطموح الذي عبرت عنه هذه الدراسة.
الدراسة التي أنجزتها “جمعية النساء المغربيات للبحث والتنمية”، بشراكة مع “المنظمة المغربية لحقوق الإنسان” والتي اعتمدت على عينة من 1200 مغربي ومغربية، خلصت نتائجها إلى أن 44% منهم ضد مراجعة قواعد الإرث و 34% منهم مع مراجعتها وأن 22% منهم بدون رأي.
واعتبرت رئيسة المجلس أن التحولات المجتمعية، التي تشهدها بلادنا، تؤكد ضرورة التداول حول الأحكام المنظمة للإرث لتطرح الاشكاليات وتشخص الإكراهات وتتلمس الآفاق. مبرزة أن إجراء دراسة ميدانية، سيعضد بالتأكيد، إيجابية النقاش العمومي، وربط ما هو قانوني بما هو مجتمعي على اعتبار أن الجامعة هي الفضاء الأمثل لاحتضان هذا الحوار.
وفي سياق حديثها عن العراقيل القانونية والواقعية التي تحول دون تحقيق المساواة بين الجنسين، أشارت بوعياش إلى “أنه رغم اقرار مدونة الأسرة لحق كل واحد من الزوجين في نصيبه من الاموال المكتسبة بعد الزواج فإن نسبة كبيرة من النساء لا يتمكنَّ من الوصول إلى هذا الحق، سواء لعدم المعرفة به أو لعدم تفعيل النظام التعاقدي للأموال المشتركة، وبالنظر أيضا للإشكاليات المتعلقة بعبء الاثبات”، وذلك على الرغم من إقرار مدونة الأسرة لحق كل واحد من الزوجين في نصيبه من الأموال المكتسبة بعد الزواج.
وإن كرست مدونة الأسرة في العديد من مقتضياتها مبدأ المساواة بين الجنسين وأكدت مبدأ الرعاية المشتركة للزوجين على الأسرة، أوضحت السيدة بوعياش أن ذلك لم ينعكس على مقتضيات الكتاب السادس منها والمتعلق بالميراث، والذي بقي حاملا للعديد من مظاهر التمييز وعدم المساواة. كما أن تنصيص المرسوم التنظيمي المتعلق بتطبيق أحكام قانون الأراضي السلالية على شرط الإقامة كمعيار لاكتساب صفة العضوية بالجماعة، من شأنه اقصاء وحرمان عدد كبير من النساء من حقهن في الاستفادة من الأراضي السلالية بفعل زواجهن وعيشهن خارج جماعتهن الأصلية.
“إن عدم المساواة في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية حقيقة لا يمكن نكرانها أو تجاهلها، بل تعتبر القاسم المشترك في غالبية مناطق العالم، حيث تنتشر ظاهرة تأنيث الفقر؛ كنتاج للتمييز ضد المرأة ووضعها الأدنى في المجتمعات لأسباب ثقافية تتعلق بالأساس بالعادات والتقاليد، وأسباب قانونية ترجع بالأساس الى التشريعات، وأسباب أخرى بنيوية.”
وفي ختام كلمتها استشهدت بوعياش بما قاله المفكر عبد الله العروي، الذي أوضح في إحدى تدخلاته منذ أكثر من سنتين “بأن الإرث، مشكلة اجتماعية اقتصادية، يمكن تناولها، من وجهة نظر المنفعة والمصلحة”، و”يجب على الدولة أن تتناول هذه المسألة من وجهة نظر موضوعية ومن زاوية حقوق الإنسان”.