سلط المجلس الأعلى للحسابات برسم تقريره السنوي 2022-2023 الضوء على نظام المقاطعات في عدد من المدن المغربية، ومن بينها طنجة، وخلص إلى أن هذه المقاطعات تشتغل وفق دور محدود غير مؤثر في الشأن الجماعي ومن دون رؤية مسبقة، داعيا إلى إعادة النظر في هذه التجربة، خصوصا وأن هذا النظام لم يعرف تعديلا منذ 20 سنة.
المجلس قال إن تقييم هذا النظام من طرف المجالس الجهوية للحسابات خلص إلى محدودية الدور الذي تلعبه المقاطعات في تدبير الشأن الجماعي، بسبب إشكاليات قانونية شابت تحديد صلاحيات المقاطعات، بالإضافة لمحدودية السلطة التقريرية لمجالسها، بما في ذلك استقلاليتها المالية والإدارية.
المجلس اعتبر أن النظام القانوني للمقاطعات وبالرغم من كونها وحدات ترابية ذات وسائل بشرية ومادية، فإنها لا تتوفر على كل الصلاحيات اللازمة للاضطلاع باختصاصاتها بسبب سلطاتها التقريرية المحدودة، الراجعة لضرورة الرجوع الدائم والمستمر إلى مجلس الجماعة لممارسة مجموعة من الاختصاصات، وعدم قدرتها على التعاقد وابرام الاتفاقيات.
كما أن المقاطعات لا تتوفر على ميزانيات مستقلة بل على مخصصات للتسيير، ويحدد مجلس الجماعة المبلغ الكلي للمخصصات الإجمالية المرصودة للمقاطعات وطريقة توزيعها ووتيرة تحويل دفعاتها، كما يصادق على تحويل الاعتمادات، فتبقى غير مستقلة مالية.
المقاطعات تعاني أيضا من محدودية الاستقلال الإداري حيث لا يتوفر مجلس المقاطعة ورئيسه على صالحيات تنظيم إدارة المقاطعة وصالحيات تعيين وإلغاء تعيين الموظفين المعينين بها، وتبقى هذه الاختصاصات من صلاحيات مجلس الجماعة ورئيسه.
وفي هذا الشأن سجل التقرير غياب رؤية مسبقة لتدبير مصالح مقاطعات الرباط وطنجة، مقابل اعتماد مقاطعات جماعة مراكش وبعض مقاطعات جماعة سلا على برامج سنوية لتدخلاتها، وقد عزا مسؤولو المقاطعات غياب الرؤية الإستراتيجية إلى محدودية تفعيل المقاربة التشاركية بين مجالس المقاطعات والجماعة، بالإضافة إلى ضعف إمكانياتها المادية.
المجلس رصد أيضا غياب التناغم في العلاقة اليومية لأطراف هذا النظام، وكذا خروقات في تطبيق القوانين، على سبيل عدم قيام رؤساء المقاطعات بكل من جماعتي طنجة وفاس بإعداد تقارير كل 6 أشهر عن تدبير المقاطعات، وكذا الدور المحدود لندوة رؤساء المقاطعات، وانعدام تقديم الأراء.
من جهة أخرى ورغم خص المقاطعات بمقتضى المادة 231 من القانون التنظيمي، بتدبير مجموعة من تجهيزات القرب الاجتماعية والثقافية والرياضية كدور الشباب والمكتبات وملاعب القرب، إلا أن تدبير أغلب هذه التجهيزات الموضوعة تحت تصرف الجماعات، يتم خارج إطار المقاطعات، ويتم تدبيرها إما مباشرة من طرف الجماعة، أو من خلال وضعها رهن إشارة القطاعات الوزارية المختصة أو الجمعيات أو بواسطة شركات التنمية المحلية.
التقرير أبرز أيضا غياب التنسيق بين الجماعة والمقاطعات بخصوص صيانة الطرق، فيتسم تدخل المقاطعات في صيانة الأزقة بغياب التنسيق مع باقي المتدخلين، حيث تمت تهيئة وصيانة العديد من الطرق الجماعية كالشوارع والأزقة إما من طرف الجماعات مباشرة أو من طرف باقي الشركاء في إطار اتفاقيات التنمية المندمجة وبرامج أخرى.
أمام بخصوص المخصصات الإجمالية للمقاطعات، فقد سجلت المخصصات ارتفاعا ملحوظا خلال سنة 2016 مقارنة مع مخصصات سنة 2015 وترجع هذه الزيادة لدخول القانون التنظيمي حيز التنفيذ، حيث تراوح معدل ارتفاع المخصصات الإجمالية ما بين %63 بالنسبة لجماعة طنجة و%281 بالنسبة لجماعة الرباط، وذلك دون أن تشهد المهام المنوطة بالمقاطعات أي تعزيز سواء في إطار الصلاحيات الأصلية المحددة بالقانون التنظيمي، أو في إطار تفعيل تفويض الصالحيات من طرف رؤساء المجلس الجماعي لصالح رؤساء مجالس المقاطعات.
التقرير أبرز تحويلا جزئيا للمخصصات لفائدة المقاطعات: ويتعلق الأمر بجماعتي طنجة وسلا وفاس، حيث سجل عدم تحويل %18,5 من المخصصات الإجمالية المرصودة للمقاطعات التابعة لجماعة طنجة خلال الفترة 2015 -2021.
كما أشار إلى عدم احترام معاييز توزيع المخصصات، واللجوء إلى التوافق بين رئيس الجماعة ومختلف رؤساء المقاطعات، ما يجعل توزيع المخصصات الإجمالية بين المقاطعات لا يراعي تطور حجم التجهيزات التي تتكلف كل مقاطعة بتدبيرها أو تهيئتها أو صيانتها.