main_photo_ar
مهاجر إفريقي تم ترحيله من طنجة يتساءل إلى أين سيذهب

كيف يمكن تطويق الاحتقان بمجمع العرفان؟


محمد العسري
2015-07-02


أصبح المجمع السكني العرفان بمنطقة بوخالف بطنجة، منذ زمن غير قصير، يعاني إشكالية حقوقية خطيرة تتمثل في تواجد عدد كبير من المهاجرين المنحدرين من جنوب الصحراء بالمكان، وهو تواجد صار يكبر ويؤدي إلى احتقان كبير، أمست درجته ترتفع، وخصوصا حين يتعلق الأمر بسلوكات صادرة عن المهاجرين، تثير غضب المواطنين المغاربة وتلحق بهم أضرارا مادية ومعنوية لا حدود لها، حيث يقومون بأعمال منافية للقانون ومتعارضة مع القيم الأخلاقية المعروفة بالمجتمع المغربي من قبل إثارة الفوضى والتخاصم والضجيج بالحي، وتعاطي المخدرات والدعارة، والسهر إلى آخر االصباح، وإقلاق راحة السكان، والاتجار في الخمر والمخدرات وغيرها من الأفعال الأخرى الكثيرة، التي تحول دون عيش السكان في أمن واطمئنان، ودون مشاكل واضطراب.
إن تجمع هدد هائل من المهاجرين من جنوب الصحراء رجالا ونساء، بمجمع العرفان نتج عن وجود مجموعة من الشقق الفارغة، التي إما اقتناها أصحابها في طور البناء، وعندما اكتملت وأصبحت جاهزة للتسليم، يتخلف أصحابها عن تسلهما لأسباب كثيرة، أو تسلمها مالكوها وأغلبهم يعيشون خارج المدينة أو في بلاد المهجر، فتركت تلك الشقق الجاهزة وعددها كبير جدا دون حراسة وغير مسكونة، فاقتحمها المهاجرون وتم احتلالها من طرفهم، ضد القانون، وعندما يحضر مالكوها يجدونها محتلة، وهو ما يؤدي إلى سعي المتضررين من احتلال مساكنهم، إلى البحث عن الوسيلة التي تمكنهم من تحريرها، حتى وإن تطلب الموقف العمل على ذلك بالطرق التي تفرض عليهم التدخل الجماعي لإفراغ المحتلين، ولا شك أن ذلك لا يمكن أن يتم دون حدوث اصطدام مع أولئك الذين احتلوا المنازل بشكل غير مقبول ضد كل القوانين والأعراف السائدة في التعامل بين البشر.
وإذا كان عدد من المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج والذين يملكون شققا بمجمع العرفان، قد أخذوا في الوصول إلى أرض الوطن، فوجدوا مساكنهم محتلة من طرف المهاجرين، ففي الوقت الذي كانوا يعتقدون أنهم حلوا ببلدهم لقضاء عطلتهم في أمن وسلام، انتصبت أمامهم معضلة عظمى، حيث فرض عليهم عليهم البحث عن مأوى يحتضنهم في ظل احتلال المهاجرين لبيوتهم، فكتب عليهم العيش في أجواء يسودها القلق والاضطراب، خصوصا وقد رفض المحتلون إفراغ الشقق التي يحتلونها، كما أن اللجوء إلى القضاء يتطلب وقتا ليس بقصير، وهو ما حتم على السلطات التدخل بشكل سلمي قصد دعوة المهاجرين، الذين يحتلون الشقق بمجمع العرفان بطريقة غير قانونية، إلى إفراغها والتخلي عنها لمالكيها، ومنحتهم مهلة 24 ساعة لتنفيذ القرار الصادر عن وزارة الداخلية، والذي انتهى دون أن يتجاوب معه معظم المحتلين لمنازل غيرهم بشكل غير شرعي، ولا شك أنه واقع لا يمكن أن تظل السلطة بطنجة مكتوفة الأيدي أمامه خصوصا مع ارتفاع مستوى احتجاج المتضررين من وجود ممتلكاتهم محتلة، وهم أصحاب حق تعرضوا لضرر يجب أن يرفع بشكل أو بآخر، فلا يمكن تجاهل مطلبهم في الوصول إلى الحصول على حقهم الذي لا ينازعهم فيه منازع.
وإذا كان المشكل يكتسي خطورة بالغة، ويضع السلطة في موقف حرج جدا، على اعتبار أن الموضوع يتعلق بإفراغ بيوت احتلت من طرف مهاجرين أغلبهم يتواجدون بالمغرب بطريقة غير قانونية، وكلهم اضطرتهم ظروف العيش القاسية إلى مغادرة أوطانهم مكرهين، والذين عليهم أن يدركوا أنهم يحتلون بيوت مواطنين، أحوالهم هي الأخرى ليست على أحسن ما يرام كما يمكن أن يعتقدوا، لذلك وجب عليهم أن يتفهموا الأمر ويبادروا إلى التجاوب مع طلب السلطة، وهو ما حدث بالفعل حيث تم إخلاء الشقق التي كانت محتلة بشكل سلمي، على الرغم من الطارئ الذي عرفه المكان والذي أدى إلى وفاة أحد المهاجرين صباح يوم فاتح يوليوز 2015.
وإذا كانت السلطة بطنجة قد استطاعت أن تطوق مشكل احتلال المهاجرين لشقق غيرهم بطريقة سلسة، فإن الاحتقان لا يمكن أن ينتهي عند هذا الإجراء على أهميته، إذ لا يمكن اعتبار النجاح في هذه الخطوة إلا بداية لجهود أخرى يجب أن تبذل، وتنخرط فيها جهات متعددة مهتمة بقضية الهجرة واللجوء (اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، الجمعيات الحقوقية، الجمعيات المتواجدة بالمجمع وحي بوخالف...)، وهي جهود يجب أن تنصب على إيجاد المناخ الذي يساهم في خلق أجواء التفاهم والتسامح بين المهاجرين الذين يستمرون في التواجد بالمكان، والمواطنين المغاربة، على أساس احترام قانون البلد ومرجعيته العقائدية والأخلاقية والقيمية، بعيدا عن كل ما يتناقض ويتنافى مع هذه المبادئ والقيم ولا شك أن الوصول إلى إقرار هذا الواقع لا يمكن أن يرى على الأرض إلا إذا توفرت الإرادة في التعايش والتساكن بين الأطراف المعنية بهذا الأمر في مجمع العرفان (مغاربة ومهاجرين) على قاعدة الاحترام المتبادل والالتزام بأحكام قوانين البلد.
إن تحول المغرب من بلد لعبور المهاجرين، إلى موطن لاستقرارهم، يفرض اليوم بعد اعتماد البلد لسياسة جديدة في مجال الهجرة انطلقت بتسوية أوضاع عدد مهم من المهاجرين الذين كانوا يقيمون بالمملكة بطريقة غير شرعية، وضع استراتيجية مضبوطة وواضحة لإدماج أولئك المهاجرين الذين استفادوا من تسوية وضعيتهم القانونية بالبلد وسمح لهم بالإقامة به، وضمنهم عدد غير قليل من النساء والأطفال، وكل هؤلاء يجب أن تتاح لهم إمكانية العيش الطبيعي بالمغرب في ظروف تؤمن لهم فرص الاندماج في النسيج المجتمعي بشكل عاد يضمن سبل الحصول على ضروريات الحياة الطبيعية الكريمة، وهو أمر لا يمكن أن يوفر متطلباته المغرب، دوت انخراط الاتحاد الأوروبي في الوفاء بالتزامات مساعدته على تأمينه، خاصة إذا علمنا أن تحمل المغرب لعبء استقبال عدد كبير من المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء على أرضه، جاء للتخفيض من تدفق هؤلاء على القارة العجوز، وهو إجراء يكلف المغرب نفقات لا يمكن أن يتحمل ضغطها وحده، لأنه لا يمكن للمغرب أن يقوم بدور الدركي الذي يحرس الحدود الأوروبية من تدفق المهاجرين عليها وما يترتب عن ذلك من تداعيات استقرارهم به، وما يفرض ذلك من تبعات مادية وأمنية ثقيلة.




Facebook Google Twitter



2016 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة7