main_photo_ar
يدعي كثير من مقترفي بعض الجرائم تعرضهم للتعذيب

اعتماد المغرب للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب


محمد العسري
2015-05-16


تمثل محطة مصادقة المغرب على البرتوكل الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، أحد الأسس الضرورية والحاسمة في الانطلاق نحو اعتماد الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في جميع أماكن الاحتجاز، سواء تعلق الأمر بمخافر الشرطة والدرك والقوات المساعدة، والسجون ومراكز حماية الطفولة وغيرها من الأماكن الأخرى التي يمكن أن يُحتجز فيها البشر.
وإذا كان المغرب قد صادق على البرتكول المذكور قبل انطلاق المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، الذي انعقد بمراكش في شهر نونبر 2014، وهو نفس الموعد الذي صادق فيه بلدنا على البرتكول، فإنه كان في إمكانه طلب تأجيل تاريخ اعتماد الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب وكل أشكال المعاملة الحاطة بالكرامة أو القاسية، إلا أنه فضل العمل على الإسراع بإيجاد هذه الآلية في موعدها المحدد، في آجال سنة بعد المصادقة، إذ صار بلدنا يعد العدة لإخراج الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب إلى الوجود، حيث فُتح نقاش موسع في الموضوع، خصوصا فيما يتعلق بالجهة التي ستكَلف بالإشراف على هذه الآلية الحقوقية البالغة الأهمية، والتي ستضع الحد الفاصل لممارسة التعذيب والمعاملة القاسية، في جميع مراكز الاحتجاز على امتداد جغرافية الوطن. 
ولا شك أن أهمية اعتماد المغرب للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، تكمن في رغبته في القضاء بشكل نهائي على هذا الشكل من الانتهاك لحقوق الإنسان، الذي أضحى يمثل وصمة عار في نمط تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطنين الذين يتواجدون في خلاف مع القانون، إذ يتعلق اعتقالهم بتهم يفترض أن يجري التحقيق فيها من طرف الأجهزة الأمنية والقضائية في ظروف تحترم فيها حقوقهم، ولا يتعرضون للعنف أو أي شكل من أشكال المعاملة السيئة، خصوصا عندما يدعي كثير من مقترفي بعض الجرائم المعروضة على القضاء، تعرضهم للعنف والتعذيب خلال التحقيق من طرف الضابطة القضائية وإجبارهم على توقيع المحاضر من طرفها.
وإذا كان النقاش قد انطلق في موضوع الجهة المحتمل إشرافها على الآلية، والتي قد تُحسم لصالح المجلس الوطني لحقوق الإنسان، باعتباره المؤسسة المؤهلة للقيام بهذه المهمة، نظرا لما راكمه من خبرة وتجربة في الميدان، ولكونه يتوفر على طاقم بشري يمتلك من الكفاءة والخبرة ما يجعله قادرا على تحمل هذه المسؤولية، ونظرا أيضا لتوفره على 13 لجنة جهوية تتيح له إمكانية القيام بمهامه في الوقاية من التعذيب، على الصعيد الجهوي والمحلي.
وإذا كان المغرب قد أصبح يملك الكثير من الجرأة والشجاعة والإرادة، في تطوير القضاء الحقوقي في بلده، وقد برز ذلك بوضوح وجلاء في الإجراءات التي أمسى يتخذها للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، والحرص الشديد على حمايتها، والتدخل لمعالجة الانتهاكات التي يمكن أن تطالها، فإن اعتماده للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب يعتبر إجراء ذا حمولة حقوقية وقانونية لها آثارها في التصدي للتجاوزات والخروقات، التي يمكن أن يمثل سلوكا مجانبا للحقوق والقوانين، غير أن اعتماد هذه الآلية لا يمكن أن يكون فعالا دون ارتباطه بعدد من الشروط التي تضمن تحقق ذلك، وفي مقدمتها، السماح للجهة التي سيناط بها الإشراف على الآلية، بالقيام بمهمتها بشكل مرن ومحدد في المكان والزمان، وذلك بزيارة مراكز الاحتجاز المختلفة في الظروف التي تتطلب ذلك دون قيد أو شرط، واعتماد فلسفة حقوقية وقانونية جديدة في معالجة الملفات المعروضة على الضابطة القضائية، تقدم على تمتيع الأشخاص الموجودين في حالة احتجاز بالضمانات التي تحمي حقوقهم وتجنبهم كل ما يمكن أن يمسها من انتهاك، كيف ما كان نوعه أو شكله، وكذا معاقبة كل من ثبت في حقه تعريض المحتجزين للعنف والتعذيب والمعاملة السيئة والمهينة.




Facebook Google Twitter



2016 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة7