main_photo_ar
مقر المجلس الجماعي لمدينة طنجة

متى تُفتح ملفات الفساد بالشمال؟


محمد العسري
2015-01-27


في إجراء غير مسبوق، فتحت وزارة الداخلية ملفات الفساد في عدد من الجماعات الترابية على الصعيد الوطني، وتمكنت من ضبط الكثير من الاختلالات والتجاوزات في تدبير الشأن العام المحلي، من طرف عدد غير قليل من المنتخبين الكبار خصوصا رؤساء المجالس، وقد اتسم التعامل مع بعض الذين ثبت تورطهم في مظاهر الفساد المختلفة، بالصرامة والجرأة، حيث تم إعفاء بعضهم، كما أحيلت ملفات البعض الآخر على القضاء ليقول كلمته فيها، إعمالا لمنطوق دستور 2011 الذي يربط تحمل المسؤولية بالمحاسبة، وهو إجراء قانوني من شأن اعتماده بشكل سليم وحازم، المساهمة في محاربة الفساد في تدبير الشأن المحلي بالجماعات الترابية ببلدنا، خاصة والواقع يؤكد أن الفساد على هذا الصعيد لم تسلم منه غالبية الجماعات الترابية على امتداد جغرافية الوطن, 
وتبقى الجماعات المنتمية للشمال المغربي، أكثر تضررا من الفساد المتعدد المجالات، وما يثبت ذلك استهداف الإجراءات الإدارية التي أدت إلى عزل عدد من رؤساء الجماعات الترابية، لبعض رؤساء جماعات الشمال.
وإذا كان من الصعب رصد مظاهر الفساد التي ألحقت أضرارا لا حدود لها، وعرقلة مسيرة التنمية بالمنطقة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالفساد في مجال الصفقات والتأهيل والإصلاح وإعادة الهيكلة والغش في الأشغال وغيرها من المجالات الأخرى، فإنه من السهل ضبط الفساد الذي أصاب عددا من حواضر الشمال المتعلق بالمساهمة الفعلية والمباشرة في تشويهها، على المستوى العمراني، حيث تورط مجموعة من رؤساء المجالس بالشمال، إلى جانب مسؤولين عن الإدارة الترابية به، في جرائم كثيرة مرتبطة بتحويل مناطق خضراء إلى أجسام إسمنتية نشزة، أو أحياء عشوائية مشوهة، صارت تمثل بؤرا للجريمة والرزيلة والانحلال والتسيب المتعدد المظاهر والتجليات المدمرة المخربة.
وإذا كان المغرب حسب ما  تروج الحكومة اليوم في خطاباتها، يتجه نحو محاربة الفساد، إذ يتمثل ذلك في إنشاء وزارة الحكامة، الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، اعتماد استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد، مجالس ومؤسسات الحكامة الأخرى، التي صارت تشتغل في مجالات الحكامة ومحاربة الفساد، فإن التصدي ومحاربة الفساد، لا يمكن أن تكون بإطلاق الشعارات والتلويح الشفوي والخطب، بالنية في التعامل الصارم والحازم مع كل أشكال الفساد المنتشرة بقوة في القطاعين العام والخاص بالمغرب، وإنما بالتوجه الفعلي نحو الإجراءات الزجرية العقابية الرادعة، وفي مقدمتها تقديم المتورطين في الاختلالات والتجاوزات إلى القضاء، بدل الاكتفاء بعزلهم.
وإذا كان ضبط عدد من التجاوزات ومظاهر الفساد يعتبر صعبا، فإن من شأن تطبيق إجراء من أين لك هذا؟ والتصريح بالممتلكات كفيلان بالوقوف على تورط مجموعة كبيرة من رؤساء المجالس والموظفين في الفساد، ويكفي في الشمال مثلا، فتح تحقيق في ثروات بعض المنتخبين، الذين أصبحوا يسكنون الفيلات، ويركبون السيارات الفارهة، ويملكون عقارات ويعيشون عيشة الغنى والبذخ في مأكلهم وملبسهم ومجالسهم وسفرياتهم، ويراكمون الأرصدة المالية في البنوك، على الرغم من كونهم يحسبون على فئة الموظفين أو المأجورين البسطاء، الذين يحصلون على أجور ضعيفة لا تسمن ولا تغني من جوع.
فكيف إذن تحول هؤلاء من مجرد موظفين مغلوبين على أمرهم، إلى أعيان ينعمون بالترف والثروة الزائدين على الحاجة، ومتى يتم فتح ملفات الفساد التي تتعلق باختلالاتهم؟




Facebook Google Twitter



2016 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة7